مدرسة ابن البقري

ابن البقري ومدرسته التاريخية في القاهرة: جذور قرية الجابرية بين الأصالة والعلم تتناول هذه الفقرة سيرة واحدة من أبرز الشخصيات التاريخية المنحدرة من قرية الجابرية (دار البقر سابقًا)، وهو الرئيس شمس الدين شاكر بن غزيل، المعروف بـ"ابن البقري"، الذي تقلّد مناصب رفيعة في الدولة المملوكية وأسّس مدرسة علمية لا تزال قائمة في حي باب النصر بالقاهرة. تستعرض الفقرة سيرته ومسيرته الدينية والعلمية، إضافة إلى وصف تفصيلي للمدرسة البقرية من حيث التخطيط المعماري والوظيفة الدينية والتعليمية، مما يُبرز دور الجابرية في إنتاج شخصيات مؤثرة في التاريخ المصري الوسيط.

ورد في الخطط المقريزية ذكر شخصية مرموقة من دار البقر، وهو الرئيس شمس الدين شاكر بن غزيل، المعروف بـ"ابن البقري"، الذي كان ناظر الذخيرة السلطانية في عهد السلطان الناصر حسن بن محمد بن قلاوون. وقد نشأ ابن البقري على دين النصارى، وتقلد مناصب رفيعة في الدولة، ثم أسلم على يد الأمير شرف الدين بن الأزكشي، فلقبه بـ"القاضي شمس الدين". أسس ابن البقري مدرسة دار البقر في زقاق مقابل لباب الجامع الحاكمي بالقاهرة، والتي أصبحت تُعرف بـ"زاوية البقري" في حي باب النصر، ولا تزال قائمة حتى اليوم ضمن الآثار المصرية، ومسجلة تحت رقم 18 بفهرس الآثار، ويعود تاريخها إلى عام 676 هـ / 1374 م.(1)

المدرسة البقرية (مدرسة دار البقر) تقع هذه المدرسة في الزقاق الذي تجاه باب الجامع الحاكميّ المجاور للمنبر، ويتوصل من هذا الزقاق إلى ناحية العطوف، في شارع المعز، بناها الرئيس شمس الدين شاكر بن غزيل، تصغير غزال ( وهذه الأسرة لا زالت موجودة إلى الآن هناك)، المعروف بابن البقريّ، أحد مسالمة القبط وناظر الذخيرة في أيام الملك الناصر الحسن بن محمد بن قلاون، وهو خال الوزير الصاحب سعد الدين نصر الله بن البقريّ، وأصله من قرية تعرف بدار البقر، إحدى قرى الغربية، نشأ على دين النصارى، وعرف الحساب وباشر الخراج إلى أن أقدمه الأمير شرف الدين بن الأزكشيّ استادار السلطان ومشير الدولة في أيام الناصر حسن، فاسلم على يديه، وخاطبه بالقاضي شمس الدين، وتقلب فى الوظائف الشريفة الكتبخانة الخديوية بسراى درب الجماميز ترتيب، وجعل بها درسا للشافعية ورتب بها ميعادا وإماما حسن القراءة طيّب النغمة. وخلع عليه واستقرّ به في نظر الذخيرة السلطانية ، وكان نظرها حينئذ من الرتب الجليلة، وأضاف إليه نظر الأوقاف والأملاك السلطانية، ورتبه مستوفيا بمدرسة الناصر حسن، فشكرت طريقته وحمدت سيرته وأظهر سيادة وحشمة، وقرّب أهل العلم من الفقهاء، وتفضل بأنواع من البرّ، وأنشأ هذه المدرسة في أبدع قالب وأبهج ترتيب، وجعل بها درسا للفقهاء الشافعية، وقرّر في تدريسها شيخنا سراج الدين عمر بن عليّ الأنصاريّ، المعروف بابن الملقن الشافعيّ، ورتب فيها ميعادا وجعل شيخه صاحبنا الشيخ كمال الدين بن موسى الدميريّ الشافعيّ، وجعل إمام الصلوات بها المقرئ الفاضل زين الدين أبا بكر بن الشهاب أحمد النحويّ، وكان الناس يرحلون إليه في شهر رمضان لسماع قراءته في صلاة التراويح لشجا صوته، وطيب نغمته، وحسن أدائه، ومعرفته بالقراءات السبع والعشر والشواذ، . ولم يزل ابن البقريّ على حال السيادة والكرامة إلى أن مرض، مرض موته، فأبعد عنه من يلوذ به من النصارى، وأحضر الكمال الدميريّ وغيره من أهل الخير، فما زالوا عنده حتى مات وهو يشهد شهادة الإسلام في سنة ست وسبعين وسبعمائة (776هـ )، ودفن بمدرسته هذه وقبره بها تحت قبة في غاية الحسن، وولي نظر الذخيرة بعده أبو غالب، ثم استجدّ في هذه المدرسة منبر وأقيمت بها الجمعة في تاسع جمادى الأولى سنة أربع وعشرين وثمانمائة بإشارة علم الدين داود الكوبر كاتب السرّ . وخلدها الراحل «نجيب محفوظ» فى مجموعته القصصية (فتوة العطوف(. وهى مقامة الشعائر والجمعة والجماعة، وبها القبة إلى الآن وعلى يمين المحراب حجر منقوش فيه تاريخ تجديدها وهو سنة ست وأربعين وسبعمائة، وكان بها مصحف من وقف السلطان قايتباى طوله خمسة أشبار نقل إلى الكتبخانة الخديوية بسراى درب الجماميز. >

وصف المدرسة: أما منطقة الحاكم بأمر الله فهي زاخرة بالكثير من الآثار التي تبلغ ١٩ أثرا، وفى حارة العطوف المتفرعة من شارع باب النصر يوجد المدرسة البقرية التى أنشأها شمس الدين شاكر بن غزيل عام ٧٤٩هـ/ ١٣٤٨م. خلال العصر المملوكى لتدريس الفقه على المذهب الشافعي، والمدرسة لها واجهة جنوبية غربية وتتكون من الداخل من قاعة وثلاثة إيوانات، وفى شارع الجمالية توجد واجهة حوش عطى الذى أنشأه الأمير الكبير سليمان أغا السلحدار عام ٢٣٣هـ / ١٨١٧م وقد نشأ فى خدمة محمد على باشا [الكبير][1]

العمارة الخارجية لهذا الأثر تشمل واجهة رئيسية تطل على حارة العطوف، ويشغل طرفها الغربى المدخل الرئيسى لها، وهو مدخل بسيط يتقدمه حجر غائر على جانبيه مكسلتان حجريتان ، ويتوسطه فتحة باب مستطيلة يغلق عليها باب خشبى من مصراعين. المدخل الرئيسي يقع في الجهة الغربية من الواجهة، ويتراجع إلى الداخل قليلاً، ويحيط به من الجانبين مكسلتان حجريتان مستطيلتا الشكل. تعلو المدخل ثلاثة مداميك حجرية يتوسطها شريط كتابي مكتوب عليه: "بسم الله الرحمن الرحيم، ادخلوها بسلام آمنين، ونزعنا ما في صدورهم من غلٍّ، إخواناً على سرر متقابلين. أمر بإنشاء هذه المدرسة المباركة من فضل الله تعالى ورضوانه، العبد الفقير إلى الله تعالى شمس الدين ابن غزيل، وذلك في سنة 746هـ." هذا النص مكتوب بخط الثلث المملوكي، ويُعد النص التأسيسي للمدرسة.

أما العمارة الداخلية للاثر فيؤدى اليها المدخل الرئيسى حيث يفضى الى ردهة مستطيلة، وبضلعها الجنوبى الشرقى فتحة باب تؤدى الى الداخل، والتخطيط العام لهذه المدرسة غير تقليدى للمدرسة المملوكية حيث يتكون من ايوان مستطيل المساحة يقع بالجهة الجنوبية الشرقية، ويتصدر جداره الجنوبى الشرقى حنية محراب على يمينها منبر خشبى، وبالجهة الجنوبية الغربية والجهة الشمالية الشرقية سدلة مستطيلة المساحة تطل كل منهما على الإيوان الرئيسي بعقد مدبب. ويتقدم هذا الايوان درقاعة مستطيلة المساحة، ويغطى سقفها سقف خشبى معرق تتوسطها شخشيخة خشبية يفتح عليها 12 نافذة مستطيلة، وقد ألحق المعمار بهذه المدرسة غرفة ضريحية يتوصل اليها من خلال فتحة باب تتوسط الجدار الشمالي الشرقي للسدلة الشمالية الشرقية بايوان القبلة. وهي عبارة عن غرفة مستطيلة المساحة تقريبا، ويتوسط ارضيتها تركيبتان خشبيتان الاولى تعلو قبر المنشئ والثانية تعلو قبر سيدى محمد العقباوى، وقد سقفت هذه الغرفة بسقف خشبى معرق، ويشغل الجدار الشمالى الشرقى لها سدلة مستطيلة المساحة. المدخل : المدخل عبارة عن فتحة مستطيلة يُغلق عليها باب خشبي ذو ضلفتين، يعلوه عتب حجري ثم نافذة مستطيلة. يعقد المدخل بعقد مدبب من الحجر المشهر، وتحيط به إطارات حجرية بارزة، ويعلوه إفريز حجري. النوافذ: في الجهة اليمنى من الواجهة، توجد نافذتان مستطيلتان على ارتفاع متر تقريباً من سطح الشارع، تُغلقان من الداخل بشِباك معدني مشبك على الطريقة المصرية الشعبية. في الأجزاء العلوية من الواجهة، كانت توجد نوافذ أخرى، تعلوها كتابات قرآنية، سقط معظمها ولم يتبقَ منها سوى القليل. وتنتهي الواجهة من الأعلى بصف من الشرفات الحجرية على شكل ورقة نباتية ثلاثية. وصف المسجد من الداخل: يُلاحظ من خلال إحدى النوافذ المطلة على المسجد – نظرًا لصعوبة الدخول إليه – أن التخطيط الداخلي للمسجد بسيط للغاية. يتكون المسجد من دور قاعة رئيسية، تَغطيها سقوف خشبية، تتوسطها شقف فتحة علوية للإضاءة والتهوية. يتقدم القاعة من جهة الجنوب الشرقي إيوان القبلة، وهو أكبر الإيوانات الأربعة، ويشرف على القاعة من خلال قوس نصف دائري. وإلى جانبيه، في الجهتين الشمالية والجنوبية من القاعة، يقع إيوانان جانبيان صغيران يُشكلان ما يُعرف بـ"السدلتين"، وقد استُخدما غالبًا للصلاة أو الدراسة. وعلى الرغم من بساطة التخطيط، فإن توزيع الإيوانات حول القاعة يعكس الطراز المملوكي الشائع في تخطيط المدارس الدينية، حيث يتم التركيز على إيوان القبلة من حيث الحجم والاتجاه. وقد شهدت المدرسة نشاطًا علميًا وفقهيًا واسعًا، حيث عيّن فيها كبار العلماء، من أبرزهم: • الشيخ سراج الدين عمر بن علي الأنصاري المعروف بـ"ابن الملقن". • الشيخ كمال الدين بن موسى الدميري. • المقرئ زين الدين أبو بكر بن الشهاب أحمد النحوي، المعروف بصوته الجميل وتلاوته البديعة للقراءات القرآنية في صلاة التراويح. وقد تُوفي ابن البقري في عام 776 هـ، ودُفن في مدرسته، تحت قبة لا تزال شاهدة على مقامه ومكانته.

للمزيد من المعلومات حول ابن البقري ومدرسته وكذالك قرية الجابرية وقراءة المقال كامل.اضغط هنا

وصف وصور المدرسة البقرية ( هنا) و هنا

Previous
Previous

الجابرية بين الماضي والحاضر

Next
Next

Praktikum an der Goethe-Universität