Minhaj

View Original

رسالة من الزمن البعيد -الجزء 2

الحفيد: شكرا لك يا جدي على رسالتك السابقة.. وأعتذر عما كان مني من سوء فهم للحياة.
الجد: لا عليك يا عزيزي، ولا يجدر بك أن تعتذر إلا لمن أخطأت في حقهم فقط، فالاعتذار ليس بالأمر الهين.الحفيد: كما ترى يا جديالجد: ليس الأمر كما أرى، ولكن كما ترى أنت
الحفيد: نظر إليه ولم يدر ما يقول
الجد : اسمع يا صغيري .. (فضحك الشاب وقال يا جدي: قد بلغت من العمر 20 سنة) فتبسم الجد وقال: نعم لقد كبرتَ، ولكن تظل دائما بالنسبة لي صغير، حتى وإن صار عمرك خمسون عاما
فضحكا الاثنين، وأردف الجد قائلا: “اسمع يا "صغيري" - ونظر إليه ساخرا- إياك أن تَكْبَر”فنظر إليه الشاب بتعجب وقال: ماذا تعني يا جدي.. هذا الأمر ليس بيدي، فالكل يكبر، الصغير يصير كبيرا، وولد اليوم يصبح رجل الغد.
الجد: نعم - وللأسف- أنت محق. ولكن حتى تفهم قصدي دعني اسألك سؤالا.
الحفيد : بكل سرور يا جدي.
الجد: نعم لقد صار عمرك 20 سنة بالتمام والكمال، ولكن هل تود أن يعود بك العمر أو الزمن لتصير أصغر؟
الحفيد: بالتأكيد يا جدي، أتمنى أن يتوقف عمري عند السادسة عشر من العمر. ولكن هذا مستحيل.
الجد: وإن سألت شاب بلغ من العمر السادسة عشر من العمر عن مرحلته العمرية المفضلة، عله يقول 15، أو 14.. وهكذا.ما أعني قوله هو أن الإنسان لا يرضى دائما بحالته.. ولكن قد يحاول إرضاء نفسه بمرحلة عمرية.. فهذا لا بأس به.

الجد: لا تضيع من عمرك يوما.. استمتع بأيامك كلها.. نهاره وليله.. وإياك والحرام، لا تغضب الله، ولا تفرط في فرض. وإن جرت الأيام والسنون لن يصيبك شعور الندم عما فاتك من العمر، وتجد نفسك على العهد الذي أخذته على نفسك مسبقا..

فالتحكم في الزمن غير معقول كما قلت، ولكن ليس مستحيل أن تعيش سعيدا كما كنت في السادسة عشر من العمر كما تحب، أو نعيش تلك المرحلة العمرية التي نزعم أنها فاتتا لمجرد مرور أيام عليها، وكأن هذا الأيام تعتبر بوابة خروج، يستحيل على من يعبرها أن يمر من خلالها للدخول العكسي.

افهم يا عزيزي: عش حياتك بالطريقة التي ترضيك، ولا تزعم أنك قد كبرت، وأن هذا السلوك لا يليك بك. لا على العكس، حينها حقا، تكون قد سمحت لنفسك الخروج من المرحلة العمرية التي تشتاق إليها، ولا أعدوا الحق إن قلت أنك تميت روحك بسبب ما قد يجول بخاطرك من افكار سلبية. صدقني فالعمر ليس إلا أرقام وضعها الناس للتعارف، وليست لإجبار أحد ان يتصرف بطريقة أو بأخرى.