علي بن ربن الطبري

علي بن ربن الطبري من الذمي إلى النديم – بقلم: رجب كمال الدين

إن مسألة الايمان لهي أهم أشرف ما يفكر به العقل البشري، وتتجلى مسألة الايمان بالله والغيببيات بعد بلوغ سن الرشد عن الأفال.. فتجدهم يسألون من خلق كذا ومن خلق كذ. ومن ثم يقارنون بين كل ما يسمعون من آراء، من الأديان أو حتى الإلحاد .. فكل ذلك مسائل عقدية يؤمن بها وبتجلى بها فكر الإنسان. في هذا البحث نتكلم عن أهمية علم مقارنة الأديان، خاصة بين المسيحية والإسلام، مع إشارات خاصة إلى كتاب علي بن ربن الطبري " الرد على أصناف النصاري". في هذا البحث نتناول حياة رجل شخصية عظيمة قبل وبعد إسلامه. نتناول كتاب في أصله مخطوط، وصل إلينا مؤخرا، من أوائل الرسالات التي كتبت في التاريخ الإسلامي للمقارنة بين المسيحية والإسلام. نتناول كذلك أسلوب النصح الذي تناوله ابن ربن الطبري في رسالته والوعظ والإرشاد لأسرته و أصدقائه من المسيحيين

كانت مؤلفات العرب ومصنفاتهم قيِّمة، مرتبة ومبوبة أحسن تبويب، وكان المؤلفون يذكرون المصادر التي نقلوا عنها بكل دقة وأمانة، ويظهر من مؤلفاتهم أنهم كانوا ذوي نظر ثاقب وبحث عميق واطلاع واسع. وقد عبثت أيدي الزمن بأكثر هذه المؤلفات فلم يصل منها إلينا إلا النزر اليسير، وهذا القيل لم ينل حظه من الدرس الوافي، بل لا يزال أكثره مودعا في المكاتب والمتاحف، فلا يمكن تقدير قيمته قبل أن يكشف الدرس عنه الستار . أما بعد؛ فنحن بصدد الحديث عن أحد الأسطاين في علم الطب، وكذلك مقارنة الأديان(علي بن ربن الطبري ت 247 هـ). فهو شخصية عظيمة من الشيخصيات المسيحية قبل إسلامها، وقد صدق النبي (ص) حين قال خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا" وتكمن عظمته في علوم الطبيعة، والطب، كما سنذكر لاحقا، وكذلك في مقارنة الأديان .

وهو قوي المشاركة، قويم الجَدَد في الطرق السالكة، يجلي نورُه الظُلَم، ويطفي تدبيرُه الضَرَم، ويقوم الأبدان، ويقوم طبّه مقام الشمس في بُرءِ البلدان، ولم يُعْدَم ومْضُة أدبِ بدت له، تضيء لمعانَها، ويجيء بمُسْوَدِّ اللِّمَمِ ريعانها، ويدنو مداها ويبعد مكانُها . فقد أدرك أن العظيم هو الذي يضع تاريخ عظمته بنفسه، لا من ينسبها إليه الآخرون. وقد تنبه علي بن ربن الطبري إلى هذا فكدّ وجدّ، حتى بنى شخصية جديرة بالتقدير. يعتبر علي بن ربن الطبري رائد المؤلفين العرب في علوم الطب، به يبتدئ التأليف الطبي العربي، وعليه اعتمد الرواد الأوائل، وتأثروا بمنهجه وأسلوبه في التأليف، وهو صاحب الفضل في تعريف هؤلاء الرواد كالرازي (ت 313 هـ ) وعلي بن عباس المجوسي (ت 383هـ) وابن سينا (ت 427هـ) بما احتوته المكتبة الطبية الهندية في عصره والعصور السابقة عليه، وهو أيضاً صاحب كتاب الدين والدولة الذي يعد ثاني كتاب عربي في الفكر السياسي بعد كتاب ابن المقفع رسالة الصحابة وقد تصدى فيه لبحث تاريخ المعتقدات السياسية والفلسفية من العصور القديمة وحتى عصره . وكذلك هو صاحب "الرد على النصارى" والتي تُعد رسالة فريدة في مجالها، نظرا لكونه من أوائل الكتاب المهتدين من النصرانية، ويعد كذلك من أوائل من تكلموا في علم مقارنة الأديان. فجُلّ الكتب التي ترجمت له لم تذكر إلا القليل، ولم تعطنا تأريخا دقيقا عن ميلاده ووفاته، أو ما يمكننا من تكوين صورة واضحة عن حياته، بل إن جميعها لم تقدم إلا نُبذة يسيرة عنه . فالواقع أننا نعتمد على ما ذكره مترجموه، ولو كان يسيرا، بالإضافة إلى نتف مبعثرة في ثنايا كتابيه (فردوس الحكمة) و (الدين والدولة) .

Previous
Previous

في حب اللغة العربية

Next
Next

Admitting the mistake