سارة - عباس العقاد
افتتح المؤلف عباس محمود العقاد روايته بطريقة جذبتني وخاصة أنها رواية عاطفية بطريقة لأنتهي منها في أيام معدودات. والمعروف أن العقاد لم يسبق له الزواج، وكالعادة دائما أطرح . تساؤلات على العنوان والمقدمة في أي كتاب، وعلى الكاتب والقارئ كلاهما أن يصلا أن أفضل إجابة وأهم الأسئلة التي طرحتها على الكتاب أثناء القراءة وهو “هل فاقد الشي لا يعطيه” كيف للعقاد أن يأتي بكل هذه التفاصيل . وكل هذه المشاعر المتضاربة ، فلا ريب أنه كان له بعض التجارب السابقة في مقبل حياته، وليس بالضرورة أن تكون تجربته هو الشخصية، علها تجربته أحد أقرانه ممن عاصروه .
بدأ العقد روايته قائلا: مضت خمسة أشهر قبل أن يجرؤ على عبور ذلك الشارع مشياً على قدميه. ليس الشارع مقفراً أو مخيفاً؛ لأنه محاط بالعمار مزدحم في جوانبه بالسابلة والسكان، وليس هو بالبعيد عن طريقه لأنه يوشك أن يحتاج إليه في ذهابه وإيابه إلى حيث يقيم في ضاحية المدينة. ولكنه كان شارعاً يلتقيان فيه عند ذهابهما إلى دار الصور المتحركة (السينما) ثم يلتقيان عند خروجهما منها. وكانا يجلسان إذا دخلا تلك الدار في مكانين متجاورين، ولكنهما لا يدخلان إليها ولا يخرجان منها متجاورين، بل يرسل هو إلى نافذة التذاكر من يبتاع التذكرتين لكرسيين في مكان قلما يتغير ثم يلقاها في ذلك الشارع، فتأخذ إحدى التذكرتين وتسبقه إلى الدار، ويظل هو بضع دقائق في بعض الأندية العامة ثم يلحق بها إلى المكان المعروف. وكان من عادتها أن تقارن بينها وبين بطلة الرواية إذا أحست منه إعجاباً بها أو ثناء عليها وتسأله في ذلك أسئلة ذكية خبيثة لا تسهل المغالطة في جوابها إلا على سبيل المزاح والمداعبة.
:عن الرواية
من بين مؤلفاته التي تقارب المائة، تبقى رواية "سارة" للأديب المصري عبّاس محمود العقاد، الأكثر جدلاً، لا بسبب بنيتها الفنية، وإنما بسبب شخصيتها النسائية التي أثارت أسئلة وبحوثاً وسجالات وكتباً عمن تكون هذه المرأة التي شغف بها العقاد.
الرواية صدرت عن دار المعارف بمصر عام 1938، ثم أعيد طبعها في طبعات كثيرة. وفي الطبعة الثانية الصادرة عام 1943، قال العقاد: "كتبت هذه القصة ـ فيما زعم بعضهم ـ لغير شيء، إلا أنّني أردت أن أجرب قلمي في القصة. لهذا السبب وحده كتبت سارة. وهو سبب قد يصح أو يكون له نصيب من الصحة لو أنّني اعتقدت أنّ القصة ضريبة على كل كاتب، أو اعتقدت أنّ القصة أشرف أبواب الكتابة في الفنون الأدبية، أو اعتقدت أنني مطالب بالكتابة في كل موضوع تجول فيه أقلام المؤلفين".
لكنّ العقاد اعترف، قبل وفاته بسنوات، بأنّ "سارة" تعبر عن شخصية حقيقية، وتجربة خاصة في حياته.
عن المؤلف
المؤلف كتاب سارة لعباس محمود العقاد والمؤلف لـ 789 كتب أخرى. عباس محمود العقاد أديب ومفكر وصحفي وشاعر مصري، ولد في أسوان عام 1889 م، وهو عضو سابق في مجلس النواب المصري، وعضو في مجمع اللغة العربية، لم يتوقف إنتاجه الأدبي بالرغم من الظروف القاسية التي مر بها؛ حيث كان يكتب المقالات ويرسلها إلى مجلة فصول، كما كان يترجم لها بعض الموضوعات، ويعد العقاد أحد أهم كتاب القرن العشرين في مصر، وقد ساهم بشكل كبير في الحياة الأدبية والسياسية، وأضاف للمكتبة العربية أكثر من مائة كتاب في مختلف المجالات، نجح العقاد في الصحافة، ويرجع ذلك إلى ثقافته الموسوعية، فقد كان يكتب شعرآ و نقدآ و فكرآ على السواء، وظل معروفآ عنه أنه موسوعي المعرفة يقرأ في التاريخ الإنساني و الفلسفة و الأدب و علم الاجتماع.اشتهر بمعاركهِ الأدبية والفكرية مع الشاعر أحمد شوقي، والدكتور طه حسين، والدكتور زكي مبارك، والأديب مصطفى صادق الرافعي، والدكتور العراقي مصطفى جواد، والدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ)، كما اختلف مع زميل مدرسته الشعرية الشاعر عبد الرحمن شكري، وأصدر كتابا من تأليفهِ مع المازني بعنوان الديوان هاجم فيهِ أمير الشعراء أحمد شوقي، وأرسى فيه قواعد مدرسته الخاصة بالشعر، توفي العقاد في القاهرة عام 1964م.